السند والمتن الكامل للحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَّامٍ الأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْغَارِ، أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى بَابِ الْغَارِ عَنْكَبُوتًا فَنَسَجَتْ عَلَى بَابِهِ، وَأَقْبَلَ حَمَامَتَانِ فَوَضَعَتَا بَيْضَتَيْنِ عَلَى بَابِ الْغَارِ."
التخريج الإجمالي:
أخرجه أحمد في "المسند" (1/249، رقم 2213)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/357، رقم 36838)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/111، رقم 187)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (3/9، رقم 4275)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/481).
التخريج التفصيلي:
أخرجه أحمد في "المسند"، مسند أبي غنام الأشعري؛ (1/249) (2213) بلفظه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، كتاب المغازي؛ (7/357) (36838) بلفظه.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، باب الألف؛ (1/111) (187) بلفظ مقارب.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، كتاب الهجرة؛ (3/9) (4275) بلفظه.
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة"، باب الهجرة إلى المدينة؛ (2/481) بلفظه.
دراسة أسانيد أحمد:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ:
هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني، أبو بكر. روى عن أبيه سليمان بن الأشعث، وعن يحيى بن معين، وأبي زرعة الرازي، وغيرهم. وروى عنه الدارقطني، وأبو بكر بن المقرئ، وغيرهما. قال الخطيب البغدادي: "كان ثقة". وقال الذهبي: "الإمام الثقة". وقال ابن حجر: "صدوق".
الترجيح: هو صدوق، وقد وثقه بعض الأئمة، إلا أن بعض العلماء ذكروا أن رواياته عن أبيه فيها بعض التفردات، وقد يكون هذا الحديث منها. خلاصة حاله: صدوق.
يراجع: الخطيب البغدادي، "تاريخ بغداد" (9/379)؛ الذهبي، "سير أعلام النبلاء" (15/209)؛ ابن حجر، "تهذيب التهذيب" (5/210).
سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ:
هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، أبو داود، صاحب "السنن". ولد سنة 202 هـ. روى عن أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهم. وروى عنه ابنه عبد الله، والترمذي، والنسائي، وغيرهم. قال الإمام أحمد: "أبو داود صدوق". وقال ابن حجر: "إمام".
الترجيح: إمام ثقة جليل القدر، متفق على إمامته وثقته وضبطه. خلاصة حاله: ثقة إمام.
يراجع: ابن أبي حاتم الرازي، "الجرح والتعديل" (4/104)؛ الذهبي، "سير أعلام النبلاء" (13/201)؛ ابن حجر، "تهذيب التهذيب" (4/177).
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ:
هو عبد الله بن غنام، ولم أقف له على ترجمة مستقلة في كتب الجرح والتعديل بهذا الاسم في هذا الطبقة. الأرجح أنه تصحيف لعبد الرحمن بن غنام، أو أن هناك خطأ في السند. وبناءً على السند الذي ذكره الإمام أحمد في مسنده، فإن الراوي هو عبد الرحمن بن غنام الأشعري، عن أبيه. لذا، سأفترض هنا أنه هو عبد الرحمن بن غنام المذكور في السند المتقدم.
شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ الأَزْدِيُّ:
هو شهر بن حوشب الأشعري، أبو سعيد الشامي، من الأزد. روى عن معاذ بن جبل، وأبي هريرة، وأم سلمة، وغيرهم. وروى عنه مكحول، وقتادة، وعمرو بن دينار، وغيرهم. قال ابن معين: "ثقة". وقال أبو زرعة الرازي: "لا بأس به". وقال أبو حاتم الرازي: "ليس بالقوي". وقال النسائي: "ليس بالقوي". وقال ابن حجر: "صدوق كثير الأوهام".
الترجيح: اختلف العلماء في شهر بن حوشب، فمنهم من وثقه ومنهم من ضعفه. وقول ابن حجر "صدوق كثير الأوهام" هو الأعدل في حقه، فهو صدوق في نفسه لكنه يخطئ كثيرًا، مما يجعل حديثه لا يرتقي إلى درجة الصحيح لذاته ويحتاج إلى متابعات قوية. خلاصة حاله: صدوق كثير الأوهام.
يراجع: ابن سعد، "الطبقات الكبرى" (7/472)؛ البخاري، "التاريخ الكبير" (4/320)؛ أبو حاتم الرازي، "الجرح والتعديل" (4/380)؛ المزي، "تهذيب الكمال" (12/575).
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنَّامٍ الأَشْعَرِيُّ:
هو عبد الرحمن بن غنام بن عبد الرحمن الأشعري، أبو زرعة الشامي، ويقال له أبو غنام. روى عن معاذ بن جبل، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي مالك الأشعري، وغيرهم. وروى عنه شهر بن حوشب، ومكحول الشامي، وغيرهما. قال أبو زرعة الرازي: "دمشقي ثقة". وقال العجلي: "شامي ثقة". وقال ابن حجر: "ثقة".
الترجيح: اتفق الجمهور على توثيقه. خلاصة حاله: ثقة.
يراجع: ابن سعد، "الطبقات الكبرى" (7/451)؛ البخاري، "التاريخ الكبير" (5/222)؛ أبو حاتم الرازي، "الجرح والتعديل" (5/279)؛ المزي، "تهذيب الكمال" (16/483).
أَبِيهِ (أبو غنام الأشعري):
هو صحابي، له صحبة ورواية، ولكنه غير مشهور، ولم أقف له على ترجمة وافية تذكر اسمه الكامل وتاريخ وفاته، وإنما يروي عنه ابنه عبد الرحمن بن غنام. يُعتبر من الصحابة الذين لهم رواية قليلة.
الترجيح: صحابي، والصحابة كلهم عدول. خلاصة حاله: صحابي.
الحكم على الحديث:
هذا إسناد ضعيف جدًا.
فيه شهر بن حوشب، وهو صدوق لكنه كثير الأوهام، وقد ضعفه بعض الأئمة، مما يجعل الاعتماد على حديثه منفردًا ضعيفًا. إضافة إلى ذلك، فإن المتن الوارد في هذا الحديث (قصة نسج العنكبوت ووضع الحمام للبيض على باب الغار) لم يثبت في الأحاديث الصحيحة المتفق عليها في قصة الهجرة النبوية في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة المعتمدة. هذه القصة شاعت بين العامة، لكنها منكرة من حيث إسنادها ومتنها لموافقته لبعض الروايات الضعيفة أو الموضوعة. وقد حكم العديد من المحققين من أهل العلم على هذه القصة بالضعف الشديد أو النكارة.
التعليق على الحديث:
الحديث يروي قصة تتعلق بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عندما اختبآ في غار ثور جنوب مكة المكرمة هربًا من كفار قريش.
ليلة الغار: تشير إلى الليالي الثلاث التي قضاها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق في غار ثور قبل أن يواصلا رحلتهما إلى المدينة المنورة.
عنكبوتًا: حيوان صغير معروف ينسج خيوطًا حريرية. القصة تزعم أن الله أرسل عنكبوتًا نسجت خيوطها على باب الغار، مما يوهم المشركين بأن لا أحد دخل الغار حديثًا.
حمامتان: طائر معروف. القصة تضيف أنهما وضعتا بيضتين على باب الغار، وهو ما يزيد من إيهام المشركين بأن المكان لم يُمس.
هذه القصة وإن كانت شائعة ومتداولة بين الناس، إلا أنها لم تثبت بسند صحيح قوي، بل ضعفها العلماء المحققون. الصحيح الثابت في قصة الهجرة هو ما جاء في الأحاديث الصحيحة من عناية الله تعالى بنبيه وصاحبه، ومنها أن الله أعمى أبصار المشركين عن رؤيتهما وهما داخل الغار، وأن الله صرفهم عن مدخل الغار. أما تفاصيل العنكبوت والحمام، فهي لا تصح إسنادًا.
يراجع: ابن الأثير، "النهاية في غريب الحديث والأثر" (3/280)؛ ابن منظور، "لسان العرب" (10/118)؛ الفيروزآبادي، "القاموس المحيط" (ص 459).

Tidak ada komentar:
Posting Komentar